عن الملل في بلاد العبثية

(1) كوميديا الاختبارات الإلهية

الواحد أحياناً بحس في ملل قاتل لأسباب عدة لا داعي لسردها هنا، لكن لا بأس من التذكير أنه أحد أهم أسباب ذاك الملل المرافق لقلق خفي لا أدري ماهيته هو الحرب الأهلية العربية التي لا أدري بعد ما هو موقعي من زيادة وتيرة وحشيتها أو إطفاء أخر نيرانها.  وكنوع من محاولات كسر الملل أشعر أحياناً بأن الله يختبر صبري بطريقة جداً كوميدية، وربما يمكننا اعتبار أيضاً أن ذاك النوع من الاختبارات هو مكافأة على نكدي المستمر في الحياة (واللي بس بتحمله سمر وصالح)…. وهل يوجد موقف أكتر كوميدية وسوداوية من أن تجد نفسك تعيش وسط شعب من الواضح جداً أن جموعه تقودها رغبة محمومة لفعل كل الأشياء التي قد تؤدي لانقراضه…. لعل الوسيلة الأنجع للهروب من ذاك الاختبار هو قراءة World War Z: An Oral History of the Zombie War


(2)النيكربوليتكس ورئيس الوزراء

ذات يوم وبعد أن عدنا من الجامعة على خير دون أن نصاب إصابات بالغة على إثر معركة ضارية كادت أن تتحول إلى مجزرة بسبب سوء فهم واستعمال مصطلح “النيكروبوليتكس”، وجدت السيد رئيس الوزراء الجديد متألقاً ببدلته السوداء وطوله الفارع – على عكس رئيس الوزراء السابق القصير نسبياً-  يتلو على جموع الشعب خطاباً ليس بالملل ولا بالمثير، لكنه كان قادراً على يجعلني أعيد التفكير بسبب وجودي حتى اللحظة في فلسطين ….. في ذاك الخطاب كان يقول لجموع لا أدري من أين جاءت …

“أجل أيها السادة إنها تلك اللحظة لما هرتزل يكون قاعد مبسوط ومتجلّي لأنه في شعب كل ما يلاقي حاله زهقان وما في اشي يعمله ببلش يتقاتل مع حاله، ويزاود ع حاله، ويهدد حاله في القتل، وذلك من أجل كسر جو الملل السائد في المنطقة جرّاء الحرب الأهلية العربية اللي هو طبعاً أول ضحاياها”

في نهاية الخطاب السعيد، علق رئيس الوزراء القادم إلى البلاد على متن حزمة مساعدات مالية أمريكية قائلاً “كل حرب أهلية وإنتو بخير ، نتمنى السلامة العقلية والروحية للجميع، وتذكروا جيداً أنكم الشريك الأساسي في عملية القضاء على الفلتان الأمني في المخيمات، فالفلتان لن يعود على أي منا بالخير والأمن والسلام.”

مع سماع أخر كلمات الخطاب المثير للاشمئزاز ذهبت لإعداد كميات من القهوة تكفيني حتى الفجر لأعيد قراءة دليل مكافحة التمرد الجديد الصادر عن القيادة المشتركة للجيوش الأمريكية والتي أسست منذ زمن لفكرة أن المقاومة وحاضنتها الشعبية في المخيمات ما هي إلا فلتان أمني وعصابات تهريب مخدرات.

(3) هند

هند: كيفك ؟
علا: منيحة ….
هند: ليش صوتك هيك، شكلك كنت بتعيطي ؟
علا: لاء، بس على وشك
هند: ليش ؟
علا: أنا قاعدة بسبح في المحيط
هند: خوفتني، فكرت صاير معك اشي… إنتي من أول الفصل بتسبحي في المحيط، مش اشي جديد.
علا: طيب
هند: شربتي الحليب اليوم ولا طنشتي ؟
علا: اه شربت حليب اليوم
هند: كذابة
علا: بعرف
هند: طيب يلا روحي اشربي الحليب
علا: ومستقبلي الأكاديمي اللي قاعد بضيع
هند: من الأول مش راضية تردي على حدا وبتعملي اللي في راسك، بلاش حفلة طق ونق
علا: حاضر

(4) داعش في رام الله

لا خيالي ولا حدسي عم يساعدوني حتى أقدر أتوقع شو الفتوى الجديدة اللي ممكن يطلع علينا فيها وزير الأوقاف والشؤون الدينية والمعروف باسم “الهباش” بعد ما طخوه في كتفه …. يمكن مثلاً يحكيلنا الصلاة ل “اسرائيل” فرض، والتفكير بالتحرير كفر يستحق الرجم حتى الموت . يعني ممكن يصير عنا فرع لجبهة النصرة أو داعش – في رام الله ع الأقل- وتشتغل حفلات قطع رؤوس المواطنين المسخمين اللي بتخيلوا إنه ممكن فلسطين يوماً ما تتحرر. جبهة النصرة (الهباش وشوية مرتزقة ) رح تتحالف مع داعش (يعني جبريل الرجوب والضميري وباقي أطياف السلطة) ويبشلوا مجازر في المخيمات ( المرحلة الأولى) وبعدها ينتقلوا للقرى في الضفة الغربية ويدخلوا التاريخ من أوسخ أوسخ أوسخ أبوابه. بعد هيك رح يصير في عنا منظريّن ومثقفين وأكاديميين مواليين لداعش والنصرة بنسختها الفلسطينية المهجنّة، وخود ساعتها على كتب ومقالات ومؤتمرات …. الخ”
في هذه الأثناء العقيد دايفيد باترويس صاحب فكرة مكافحة التمرد (تفكيك حركات المقاومة) رح يكون قاعد إما مبسوط،  أو مصدوم من فعالية عمل داعش والنصرة، بس على الأغلب رح يكون مصدوم ويعلن اعتزاله العمل، لأنه الهباش والرجوب والضميري تفوقوا عليه وسحبوا البساط من تحته ….

166264_584269324925515_1498793083_n1.jpg

أضف تعليق